بعد ٩ أشهر من التوقف، من المتوقع على نطاق واسع أن يُقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء على خفض أسعار الفائدة بمقدار ٢٥ نقطة أساس، مدفوعًا بضعف البيانات الاقتصادية، خصوصًا في سوق العمل، الذي بات يحظى بأولوية أكبر من التضخم لدى الفيدرالي.
لقد سعّر المستثمرون خفضًا للفائدة بنسبة ١٠٠٪، فيما لمح رئيس الفيدرالي جيروم باول إلى نسخة أكثر تيسيرًا من السياسة النقدية. ومع ذلك، تضيف الضغوط السياسية مزيدًا من الغموض حول خطط الفيدرالي ومستقبله.
توقعات خفض الفائدة
إلى جانب توقعات هذا الأسبوع، سعّرت الأسواق أيضًا ٣ تخفيضات أخرى للفائدة خلال هذا العام بسبب المخاوف الاقتصادية. وقد يدفع بعض المصوّتين نحو خفض أكبر، خاصة بعدما عارض الحاكمان والِر وبومان إبقاء الفائدة كما هي في يوليو ⁽١⁾.
لكن إذا بالغ الفيدرالي في الخفض، فقد يقع في خطأ سياسي. فبحسب محللين، قد ينزلق البنك المركزي إلى فخ الاعتماد المفرط على مخاطر سوق العمل من دون أخذ التضخم بالاعتبار ⁽٢⁾.
التضخم ومخاوف سوق العمل
أدّى ركود سوق العمل في أغسطس ومراجعة البيانات السابقة إلى رفع التوقعات بمزيد من التخفيضات. فقد جرى تعديل بيانات يونيو لتظهر فقدان ١٣,٠٠٠ وظيفة، بينما أظهرت بيانات يوليو نمواً أقل من الاتجاه العام. وتشير هذه المراجعات إلى ٣ أشهر متتالية من تباطؤ نمو الوظائف، مع بقاء البطالة عند نحو ٤٫٣٪ ⁽٣⁾.
كما أظهرت المراجعات السنوية لبيانات الوظائف غير الزراعية حتى مارس ٢٠٢٥ انخفاضًا بنحو ٩١١,٠٠٠ وظيفة مقارنة بالتقديرات الأولية، بحسب تقرير تمهيدي من مكتب إحصاءات العمل ⁽٤⁾.
وتستند هذه الأرقام إلى بيانات التعداد الفصلي التي تعكس تحديثات حول افتتاح وإغلاق الأعمال، لتضيف أدلة جديدة على تراجع وضع التوظيف في الولايات المتحدة. وقد شمل التقرير في معظمه فترة ما قبل تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه، ما يشير إلى أن التراجع بدأ قبل فرضه الرسوم الجمركية على شركاء التجارة.
وفي كلمته في «جاكسون هول»، قال جيروم باول إن المخاطر بدأت تتحول بما قد يقود إلى تغييرات في السياسة. كما أن الفيدرالي أصبح يركّز بشكل متزايد على هذه المخاطر المحتملة، خصوصًا بعد المراجعات التي تضمنها تقرير يوليو وأظهرت ضعفًا أكبر في نمو الوظائف.
في الوقت نفسه، من المتوقع أن يبقى التضخم فوق هدف الفيدرالي البالغ ٢٪ حتى عام ٢٠٢٧ على الأقل، مع استمرار ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين. وسجّل التضخم السنوي أكبر زيادة له في ٧ أشهر، لكن هذه البيانات لا يُنتظر أن تمنع الخفض المرتقب للفائدة الأسبوع المقبل وسط ضعف سوق العمل ⁽٥⁾.
وكان هذا التقرير التضخمي هو آخر البيانات الكبرى قبل اجتماع الفيدرالي. ورغم بقاء التضخم مرتفعًا ومخاطر الرسوم الجمركية، فقد ألمح صناع السياسة إلى توجه نحو التيسير.
الضغوط السياسية وعدم اليقين في مجلس الفيدرالي
انتقد الرئيس ترامب جيروم باول لعدم خفضه الفائدة. كما يسعى ترامب علنًا إلى إقالة الحاكمة ليزا كوك على خلفية اتهامات بعمليات احتيال عقاري، فيما استأنف مؤخرًا حكمًا قضائيًا منعه من إقالتها.
كما تقدمت ترشيحات ترامب خطوة إلى الأمام، إذ صوّت مجلس الشيوخ لصالح المضي في تعيين ستيفن ميرَان خلفًا للحاكمة السابقة أدريانا كوغْلِر. وبما أن ميرَان يفضّل الفوائد المنخفضة وتحفيز النمو، فقد يتبنى موقفًا ميّالًا للتيسير عند انضمامه.
ويجادل ترامب بأن الفوائد المرتفعة تضر بالاقتصاد وتزيد أعباء الدين الوطني. وباتت القرارات المقبلة مرشحة لمزيد من الجدل مع سعي الفيدرالي إلى موازنة التضخم مع التوظيف.
إشارات السوق والتوقعات المستقبلية
لقد سعّرت الأسواق خفضًا بمقدار ٢٥ نقطة أساس، وهو أقل بكثير مما يريده ترامب من تخفيضات أكبر. لكن تباطؤ سوق العمل يضيف ضغوطًا لتحفيز التوظيف وتفادي ارتفاع البطالة.
الفيدرالي الآن أمام ضغوط غير مسبوقة من الرئيس ترامب. وقد تثير هذه التطورات مخاوف من أن تخفيضات الفائدة قد تعكس الرغبات السياسية أكثر مما تستجيب للاحتياجات الاقتصادية.