أشار رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إلى أن البنك المركزي قد يخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في ١٧ سبتمبر، بسبب تنامي المخاطر التي تهدد سوق العمل، مع إقراره باستمرار المخاطر التضخمية.
وخلال خطابه في ندوة جاكسون هول، واصل باول تبنّي نهج حذر إزاء أي تغييرات في السياسة النقدية.
باول يلمّح إلى خفض الفائدة
قال باول إن الفيدرالي قد يكون بصدد خفض الفائدة في سبتمبر، وهو ما سيكون أول خفض منذ العام الماضي حين خفّض الفيدرالي الفائدة بمقدار ٥٠ نقطة أساس في سبتمبر ٢٠٢٤.
وأشار إلى تغيّر في موازين المخاطر داخل الاقتصاد الأمريكي، خاصة بعد ضعف البيانات الأخيرة المتعلقة بسوق العمل. وقد تفاعلت الأسواق سريعاً، مع تزايد التوقعات بخفض بمقدار ٢٥ نقطة أساس في سبتمبر، وسط ترجيحات بخفض إجمالي يصل إلى ٥٠ نقطة أساس بنهاية ٢٠٢٥. ⁽١⁾
لكن القرار لم يُحسم بعد، حيث يظل التضخم مصدر قلق للفيدرالي. وأوضح باول أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تستمر في رفع الأسعار، ما يضيف مزيداً من الضغوط التضخمية. وأكد أن بيانات التضخم وسوق العمل المقبلة ستكون عاملاً حاسماً في قرار الفيدرالي.
مخاوف سوق العمل في الواجهة
انتقل الاهتمام بشكل رئيسي إلى سوق العمل، باعتباره الحلقة الأضعف والأكثر خطورة على الاقتصاد. ولا يزال معدل البطالة عند ٤.٢٪.
ويعني هذا الوضع الهش أن أي زيادة طفيفة في حالات التسريح قد تدفع الاقتصاد إلى فقدان الوظائف بوتيرة يصعب عكسها لاحقاً. ⁽٢⁾
وأشار باول إلى أن مراجعات تقرير التوظيف لشهر يوليو أظهرت نمواً أضعف مما كان متوقعاً، ما يبرز هشاشة سوق العمل. ولهذا السبب، ورغم بقاء التضخم فوق هدف الفيدرالي البالغ ٢٪، ألمح باول إلى أن صانعي السياسة النقدية قد يميلون إلى خفض الفائدة الشهر المقبل. ⁽٣⁾
إطار جديد للسياسة النقدية
أعلن باول أيضاً عن تغييرات في الإطار الاستراتيجي للسياسة النقدية، بعد مراجعة بدأت في أواخر ٢٠٢٤. وألغى الفيدرالي استراتيجيته القديمة التي سمحت بتجاوز التضخم مستوى ٢٪ بعد فترات انخفاضه، معتبراً أن تحديات ما بعد ٢٠٢٠ مختلفة عن الفترات السابقة. ⁽٤⁾
كما عدّل مسؤولو الفيدرالي الصياغات المتعلقة بهدف البطالة، إذ تم حذف عبارة “تجنّب النقص في التوظيف” التي اعتُمدت عام ٢٠٢٠. ⁽٥⁾
وأوضح باول أن هذه الصياغة كثيراً ما أسيء تفسيرها من قبل المستثمرين والاقتصاديين على أنها تعني أن الفيدرالي لن يتخذ إجراءات استباقية لتهدئة سوق العمل.
وأكد أن الوثيقة الجديدة اعتمدت لغة أكثر توازناً تشير إلى هدف تحقيق “أقصى مستوى من التوظيف”.
ضغوط سياسية
شهدت عطلة نهاية الأسبوع تصعيداً من البيت الأبيض ضد عضو مجلس الاحتياطي الفيدرالي ليزا كوك، إذ واجهتها مجموعة مرتبطة بترامب داخل فندق جاكسون ليك قبل أن يتم إبعادهم من قِبل الأمن. ⁽٦⁾
كما صرّح الرئيس ترامب يوم الجمعة بأنه سيقيل كوك إن لم تستقل بسبب مزاعم تتعلق بعملية احتيال عقاري. وكانت كوك قد أكدت في بيان الأربعاء أنها لن تستسلم للضغوط.
هذه الهجمات زادت من الضغوط السياسية على الفيدرالي لتسريع خفض الفائدة، في وقت يدرس فيه ترامب اختيار بديل لباول عند انتهاء ولايته في مايو ٢٠٢٦.
مواقف البنوك المركزية العالمية
في جلسة السبت التي جمعت ثلاثة من كبار محافظي البنوك المركزية، تجنّب محافظ بنك اليابان ومحافظ بنك إنجلترا التعليق المباشر على السياسة النقدية، واكتفوا بالحديث عن تحديات توسيع قاعدة القوى العاملة.
ففي اليابان، حيث يضغط شيخوخة السكان وانخفاض معدلات المواليد على سوق العمل ويرفعان التضخم، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن زيادة مشاركة النساء وتوظيف العمالة الأجنبية قد يساعدان في مواجهة المشكلة. ⁽٧⁾
أما محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، فأكّد أن ضعف الإنتاجية وانخفاض معدل المشاركة في سوق العمل يظلّان تحديين كبيرين. ⁽٨⁾
في المقابل، حملت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد رسالة أكثر تفاؤلاً، مشيرة إلى أن سوق العمل الأوروبي أظهر مرونة مفاجئة أمام صدمة التضخم غير المسبوقة وتشديد السياسة النقدية، مؤكدة أن التضخم تراجع بشكل حاد. ⁽٩⁾