أظهر تقرير سوق العمل الأمريكي لشهر أغسطس تباطؤاً حاداً في التوظيف، مع تراجع نمو الوظائف وارتفاع معدل البطالة إلى أعلى مستوى في أربع سنوات. هذا الضعف المتواصل عزز التوقعات بخفض الفائدة من قِبل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) في اجتماعها يوم ١٧ سبتمبر.
أشار تقرير مكتب إحصاءات العمل (BLS) إلى ضعف أوسع في الاقتصاد، مع فقدان وظائف في عدة قطاعات وتخفيض بيانات سابقة، ما أثار المخاوف من ركود الاقتصاد الأمريكي.
ضعف وظائف NFP وارتفاع معدل البطالة
ارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار ٢٢,٠٠٠ وظيفة فقط في أغسطس، وهو أقل بكثير من التوقعات البالغة ٧٥,٠٠٠ وظيفة. ويمثل هذا تراجعاً مقارنة بمكاسب يوليو البالغة ٧٩,٠٠٠ وظيفة. كما ارتفع معدل البطالة إلى ٤٫٣٪ من ٤٫٢٪، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر ٢٠٢١. وكان ضعف سوق العمل واضحاً أيضاً من خلال مراجعة البيانات السابقة، حيث أظهرت بيانات يونيو فقدان ١٣,٠٠٠ وظيفة، وهو أول انخفاض منذ ديسمبر ٢٠٢٠. ⁽١⁾
تأثير السياسات والتعريفات الجمركية
قال خبراء الاقتصاد إن ضعف سوق العمل يعود إلى سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا سيما سياساته التجارية، وتشديده على الهجرة، وعمليات التسريح الجماعي.
بلغ معدل التعريفات الجمركية الأمريكية أعلى مستوى له منذ عام ١٩٣٤، مما أثار المزيد من المخاوف بشأن التضخم المرتفع، وقد يدفع الفيدرالي إلى التوقف وإعادة التفكير في استراتيجيته بشأن خفض الفائدة. كما أن محكمة استئناف أمريكية قضت مؤخراً بعدم شرعية هذه التعريفات، مما زاد من حالة عدم اليقين. ⁽٢⁾
واصل قطاع التصنيع إظهار تراجع في الوظائف بخسارة ١٢,٠٠٠ وظيفة في أغسطس بسبب التعريفات. كما سجلت قطاعات أخرى مثل تجارة الجملة، والخدمات المالية، والإنشاءات وغيرها خسائر في الوظائف. ⁽٣⁾
أداء القطاعات ونمو الأجور
على الرغم من التباطؤ في العديد من القطاعات، ظل قطاع الرعاية الصحية قوياً مضيفاً ٣١,٠٠٠ وظيفة في أغسطس. كما أضافت خدمات الرعاية الاجتماعية ١٦,٠٠٠ وظيفة، لكن البيانات الأخيرة أظهرت انخفاضاً في فرص العمل في كل من الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية في يوليو. الأجور برزت كعامل إيجابي، حيث ارتفع متوسط الأجر بالساعة بنسبة ٠٫٣٪ على أساس شهري، وبنسبة ٣٫٧٪ على أساس سنوي. ⁽٤⁾
الاضطرابات السياسية مستمرة
أثارت بيانات سوق العمل جدلاً سياسياً واسعاً. فقد أقال الرئيس ترامب مؤخراً مفوضة مكتب إحصاءات العمل إيريكا ماكنتارفر بعد ضعف نمو الوظائف في يوليو، متهماً إياها بتلاعب البيانات. ⁽٥⁾
وعيّن الرئيس بدلاً منها الاقتصادي إي. جي. أنتوني، المقرّب من ترامب وعضو مؤسسة Heritage، والذي انتقد سابقاً أرقام المكتب واعتبرها منحازة سياسياً. ويشغل ويليام ويتروفسكي حالياً منصب مفوض المكتب بالإنابة. ⁽٦⁾
رد فعل الأسواق: تراجع الدولار وقفز الذهب لمستوى قياسي
تفاعلت الأسواق المالية بقوة مع التقرير، حيث انخفض مؤشر الدولار الأمريكي بنسبة ٠٫٥٨٪، مع تراجع حاد بنسبة ٠٫٩٪ أمام الين و٠٫٩٤٪ أمام الفرنك السويسري. وقد جرى تعويض الخسائر أمام الين لاحقاً بسبب تطورات في اليابان أضعفت العملة اليابانية.
سجل الذهب مستوى قياسياً جديداً عند ٣,٥٩٦ دولاراً للأونصة بعد ارتفاعه بنسبة ١٫٢١٪ نتيجة ضعف الدولار والمخاوف من تباطؤ الاقتصاد والتوقعات المرتفعة بخفض الفائدة. وارتفعت المؤشرات الأمريكية في بداية جلسة نيويورك يوم ٥ سبتمبر لكنها أغلقت على انخفاض.
ويأتي التقرير بينما تتوقع الأسواق على نطاق واسع أن يقوم الفيدرالي بخفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار ربع نقطة مئوية عند إعلانه قراره المقبل في ١٧ سبتمبر. كما يتعرض رئيس الفيدرالي جيروم باول وزملاؤه لضغوط وانتقادات شديدة من الرئيس ترامب بسبب إبقاء الفائدة دون تغيير منذ ديسمبر ٢٠٢٤. ⁽٧⁾