تواجه فرنسا أزمة صعبة بعد دفع رئيس الوزراء فرانسوا بايرو بخطة تقشّفية تهدف إلى خفض ديون البلاد، ما أثار جدلاً واسعاً داخل الحكومة الفرنسية.
أعلن بايرو عن عقد تصويت ثقة مقرر في ٨ سبتمبر، مرتبط بخطته لخفض الميزانية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على السياسة الفرنسية والأسواق.
الخطة، التي تستهدف مواجهة العجز العام المتزايد في فرنسا، رُفضت من قبل أحزاب المعارضة، مما يهدد بانهيار حكومة الأقلية.
تفاقم الأزمة السياسية
تقف حكومة الأقلية الفرنسية على حافة الانهيار بعدما تعهّدت أحزاب المعارضة، بما في ذلك حزب التجمّع الوطني اليميني المتطرف، وحزب الخضر، والاشتراكيون، برفض خطة بايرو لخفض الدين في تصويت الثقة.
تقترح خطة بايرو تجميد الإنفاق على الرعاية الاجتماعية والمعاشات والشرائح الضريبية عند مستويات عام ٢٠٢٥، إضافة إلى إلغاء يومي عطلة رسميين، ما أثار انتقادات واسعة من الأحزاب الحكومية. ⁽١⁾
إذا خسرت الحكومة تصويت الثقة في ٨ سبتمبر، فقد يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خيارات صعبة، إما بحلّ البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة أو تعيين رئيس وزراء جديد لتشكيل حكومة أخرى. غير أن هذه الخيارات قد لا تضمن إنهاء الأزمة السياسية التي تفاقمت منذ يوليو ٢٠٢٤. ⁽٢⁾
دعا رئيس الوزراء بايرو المشرّعين إلى تحمّل المسؤولية بدلاً من الانزلاق نحو الفوضى، في كلمة ألقاها يوم ٢٦ أغسطس. إلا أن أحزاب المعارضة تبدو متحدة على إسقاط حكومته، ما يزيد احتمالات المزيد من الاضطرابات.
التحديات الاقتصادية والأسواق المرتبكة
لا يزال العجز العام الفرنسي مشكلة رئيسية، إذ بلغ ٥٫٨٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام ٢٠٢٤. ويقترح الاتحاد الأوروبي أن يكون العجز عند مستوى ٣٪ لإدارة ديون فرنسا المفرطة، لكن بايرو حذّر من أن عدم اتخاذ إجراءات سيؤدي إلى تفاقم العجز. ⁽٣⁾
كما أشار بايرو إلى أن اعتماد فرنسا على الديون قفز بمقدار تريليوني يورو خلال ٢٠ عاماً، بسبب أزمات مثل الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨، وجائحة كوفيد-١٩، والحرب الروسية–الأوكرانية، والتضخم، والرسوم الجمركية الأمريكية. ⁽٤⁾
تشمل خطة بايرو للميزانية لعام ٢٠٢٦ تقليصاً مالياً بقيمة ٤٤ مليار يورو. وكانت حكومة الأقلية السابقة بقيادة ميشيل بارنييه قد انهارت بعد تمرير ميزانية ٢٠٢٥ دون موافقة البرلمان، فيما تواجه خطة بايرو الآن المصير ذاته. ⁽٥⁾
هزّت حالة عدم الاستقرار السياسي الأسواق المالية الفرنسية، حيث تراجع مؤشر CAC 40 بنسبة ٢٪ في ٢٦ أغسطس. كما ارتفعت عوائد السندات الفرنسية، مع ارتفاع العائد على السندات لأجل ١٠ سنوات بمقدار نقطتي أساس، والعائد على السندات لأجل ٣٠ سنة بمقدار ٤ نقاط أساس. ⁽٦⁾
تحديات أمام الشركات الفرنسية
يبدي قادة الشركات الفرنسية قلقهم من التداعيات الاقتصادية والسياسية. فقد أُقرت الميزانية في فبراير بعد إطاحة حكومة بارنييه، وشملت زيادات ضريبية على الشركات الكبرى. وتدفع أحزاب المعارضة، الساعية لتغيير أي استراتيجية مالية جديدة، باتجاه المزيد من الزيادات الضريبية، مما يثير مخاوف الشركات الفرنسية.
إن مزيج الفوضى السياسية وضعف النمو الاقتصادي بنسبة ١٫٢٪ في ٢٠٢٤ يهددان بتقليص الإيرادات الضريبية وطرح المزيد من التحديات لإصلاح الميزانية. كما أن إصلاحات الرئيس ماكرون الاقتصادية، التي تعتمد على خفض الضرائب لتحفيز النمو، باتت معرضة للمخاطر إذا استمر ضعف الاقتصاد. ⁽٧⁾
التطلعات المستقبلية
في حال فشل حكومة رئيس الوزراء بايرو، سيكون على ماكرون تعيين بديل لتشكيل حكومة أقلية جديدة أو حلّها والدعوة لانتخابات جديدة.
إن استمرار الأزمات الاقتصادية والسياسية لفترة طويلة قد يجعل من الصعب على فرنسا دعم سياساتها المالية. ومن المتوقع أن يهيمن هذا الملف على مناقشات مؤتمر اتحاد الأعمال Medef السنوي في باريس، حيث سيلقي بايرو ووزراؤه كلمات يوم الخميس لحشد الدعم. ⁽٨⁾