تتأثر العملات الرئيسية مثل الدولار الأمريكي، الين الياباني، الجنيه الإسترليني، اليورو، والدولار الأسترالي بعوامل داخلية وعالمية تشمل البيانات الاقتصادية، سياسات البنوك المركزية، والتطورات الجيوسياسية.
الدولار الأمريكي: بين ضغوط الفيدرالي والجغرافيا السياسية
يبقى الدولار الأمريكي تحت الضغط مع ترقب الأسواق المالية لتباين البيانات الاقتصادية. بيانات أسعار المنتجين (PPI) التي جاءت أعلى من التوقعات ومبيعات التجزئة القوية ساهمت في تقليص رهانات الأسواق على خفض أسعار الفائدة من الفيدرالي.
ومع ذلك، ارتفعت توقعات خفض الفائدة بسبب تقرير الوظائف الضعيف (NFP) لشهر يوليو، إضافة إلى مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) الضعيف للشهر ذاته. قام المتداولون بتسعير احتمال بنسبة ٨٤.٨٪ لخفض بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) في سبتمبر. ⁽١⁾
أظهر مسح ثقة المستهلك الصادر عن جامعة ميشيغان نتائج مخيبة للآمال، حيث بلغ ٥٨.٦ مقارنة بالتوقعات البالغة ٦١.٩. كما ارتفعت توقعات التضخم إلى ٤.٩٪، مما يعكس استمرار الضغوط السعرية وسط قلق المستهلكين الأمريكيين من ارتفاع الأسعار. ⁽٢⁾
سيترقب المتداولون والمستثمرون خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في ندوة جاكسون هول الاقتصادية بتاريخ ٢٢ أغسطس، حيث قد يوضح موقف الفيدرالي بشأن أولوياته المتعلقة بسوق العمل والتضخم.
كما أن قمة ترامب–بوتين قد تؤثر على معنويات السوق، إذ إن تخفيف التوترات قد يضعف الدولار مع تراجع الطلب على الأصول الآمنة. الرئيس ترامب يسعى لمساعدة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على التوصل إلى اتفاق بعد لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة لتحقيق السلام بدلاً من الاكتفاء بوقف إطلاق النار.

المصدر: TradingView: الرسم البياني لمؤشر الدولار الأمريكي (٤ ساعات)
الين الياباني: يحقق مكاسب بفضل تغييرات السياسات
حقق الين الياباني مكاسب مع عودة الناتج المحلي الإجمالي للنمو، ما أثار تكهنات بأن بنك اليابان قد يتجه نحو الاستمرار في تطبيع السياسة النقدية وربما رفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل إذا استمرت معدلات التضخم مرتفعة.
قد يستمر الين أيضاً بالاستفادة من الطلب على الملاذات الآمنة في حال تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك إذا واصل الدولار الأمريكي الضعف نتيجة البيانات الاقتصادية. وفي الوقت الذي يتجه فيه الفيدرالي نحو خفض الفائدة، يواصل بنك اليابان تشديد سياساته، مما يعزز دعم الين.

المصدر: TradingView: الرسم البياني USD/JPY (٤ ساعات)
الجنيه الإسترليني: يظل صامداً وسط توقعات حذرة
يحافظ الجنيه الإسترليني على استقراره في ظل نهج بنك إنجلترا الحذر تجاه التوقعات الاقتصادية. الناتج المحلي الإجمالي القوي في الربع الثاني خفّف المخاوف من الركود، لكن البنك المركزي لا يزال يتوقع ضعفاً في الاقتصاد. الأسواق المالية تسعّر حالياً خفضاً محدوداً للفائدة بمقدار ١٥ نقطة أساس فقط بحلول نهاية ٢٠٢٥، وهو ما يتعارض مع المسار التيسيري للاحتياطي الفيدرالي.
من المنتظر صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين في بريطانيا يوم ٢٠ أغسطس، وتشير التوقعات إلى ٣.٧٪ على أساس سنوي، أي أعلى من هدف بنك إنجلترا البالغ ٢٪. تقرير أقوى من المتوقع قد يعزز التوقعات بمزيد من تثبيت أسعار الفائدة، مما يدعم الجنيه.

المصدر: TradingView: الرسم البياني GBP/USD (٤ ساعات)
اليورو: محادثات السلام الأوكرانية وضعف التجارة
تراجع اليورو قبيل اجتماع مهم يجمع الرئيس ترامب والرئيس الأوكراني زيلينسكي وقادة الاتحاد الأوروبي بشأن صفقة سلام محتملة بين روسيا وأوكرانيا. ترامب أكد أنه سيضغط على زيلينسكي للتوصل إلى تسوية سريعة بعد لقائه مع بوتين، الذي أبدى انفتاحاً على ضمانات أمنية أمريكية–أوروبية لأوكرانيا.
الفائض التجاري لمنطقة اليورو تقلص إلى ٢.٨ مليار يورو في يونيو مقارنة بـ١٥.٦ مليار يورو في مايو، نتيجة لانخفاض الصادرات بنسبة ٢.٤٪ وارتفاع الواردات بنسبة ٣.١٪. هذا التراجع يزيد من الضغوط على اليورو. ⁽٣⁾
البنك المركزي الأوروبي أنهى دورة التيسير في يوليو بعد ثماني تخفيضات منذ ٢٠٢٢، لكن البعض لا يزال يتوقع إجراءات إضافية هذا العام. كما سيراقب المتداولون بيانات مؤشر مديري المشتريات الأولية (PMI) المقرر صدورها يوم ٢١ أغسطس، لتقييم مدى القوة أو الضعف بعد أن سجل الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو نمواً محدوداً عند ٠.١٪ في الربع الثاني، بينما استقر التضخم عند ٢٪.

المصدر: TradingView: الرسم البياني EUR/USD (٤ ساعات)
الدولار الأسترالي: معرض للمخاطر بسبب سياسة RBA التيسيرية والصين
يبقى الدولار الأسترالي تحت الضغط بعد أن خفّض بنك الاحتياطي الأسترالي سعر الفائدة مؤخراً إلى ٣.٦٪ نتيجة تراجع التضخم. من المتوقع أن يقدم البنك على المزيد من التخفيضات إذا تباطأ النمو أو استمر التضخم في التراجع، مما قد يضيف مزيداً من الضغوط على الدولار الأسترالي.
كما أن الدولار الأسترالي شديد الارتباط بالبيانات الاقتصادية القادمة من الصين بسبب العلاقات التجارية القوية بين البلدين. أي تباطؤ في الطلب على السلع الصينية أو تراجع أسعار السلع الأساسية قد يضعف الدولار الأسترالي، خاصة في ظل استمرار مخاطر الرسوم الجمركية.
من المقرر صدور تقرير مؤشر أسعار المستهلكين في أستراليا الأسبوع المقبل بتاريخ ٢٨ أغسطس، وقد يقدّم إشارات إضافية حول توجهات بنك الاحتياطي الأسترالي المستقبلية بشأن الفائدة. وبظل استمرار حالة عدم اليقين في معنويات المخاطر العالمية، قد يظل الدولار الأسترالي مستقراً أو يتراجع إذا تراجعت شهية المخاطرة.

المصدر: TradingView: الرسم البياني AUD/USD (٤ ساعات)
الخلاصة
تتحرك أسواق العملات في مسارات متباينة نتيجة تأثير البيانات الاقتصادية، تغيرات السياسات النقدية، والعوامل الجيوسياسية التي تواصل إرسال إشارات مختلطة. بينما يواجه الدولار الأمريكي ضغوطاً هبوطية بسبب توقعات خفض الفائدة والتوترات التجارية العالمية، يواصل الين الياباني والجنيه الإسترليني إظهار بعض الصلابة. اليورو يعاني من ضعف التجارة وعدم اليقين المرتبط بالحرب الروسية–الأوكرانية، فيما يبقى الدولار الأسترالي معرضاً للمخاطر المرتبطة بالتجارة وسياسة البنك الاحتياطي الأسترالي التيسيرية.