قامت أوبك+ بخطوة مفاجئة لزيادة إنتاج النفط بدءًا من أكتوبر، على الرغم من المخاوف بشأن فائض المعروض. يقود المجموعة المملكة العربية السعودية، حيث تعطي الأولوية لاستعادة حصتها السوقية مع الحفاظ على الأسعار المرتفعة، رغم القلق من ضعف الطلب العالمي خلال أشهر الشتاء.
يشير هذا القرار إلى استمرار زيادات الإنتاج التي بدأت في أبريل بعد سنوات من خفض الإنتاج. وقد وافق ثمانية أعضاء على رفع مستوى الإنتاج، ما يشير إلى تغيير قد تكون له تداعيات جيوسياسية واقتصادية.
خلفية زيادة الإنتاج
أعلنت أوبك+ عن زيادة إنتاج أكتوبر خلال اجتماع عبر الإنترنت يوم الأحد ٧ سبتمبر، مع زيادة قدرها ١٣٧,٠٠٠ برميل يوميًا، وهي أقل من زيادات أغسطس وسبتمبر البالغة ٥٤٣,٠٠٠ برميل يوميًا، وزيادات يونيو ويوليو البالغة ٤١١,٠٠٠ برميل يوميًا. وتشير هذه الزيادة إلى التغيير عن التخفيضات الطوعية التي بلغت ١٫٦٥ مليون برميل يوميًا من قبل ثمانية أعضاء، أي قبل أكثر من عام من الموعد الأصلي. ⁽١⁾
تأتي زيادات هذا العام في ظل رفع أوبك+ أهداف الإنتاج بمقدار ٢٫٥ مليون برميل يوميًا منذ أبريل، غير أن المجموعة لم تقدّم أي توجيه واضح بعد أكتوبر، ما يشير إلى أن خطة ١٫٦٥ مليون برميل يوميًا سيُعاد تطبيقها تدريجيًا وقد تُعدّل وفقًا للتطورات الجديدة.
أما مجموعة التخفيضات الثالثة، والبالغة ٢ مليون برميل يوميًا عبر جميع الأعضاء الـ٢٢، فستبقى قائمة حتى نهاية عام ٢٠٢٦. ⁽٢⁾
قيود الطاقة الإنتاجية والإنتاج الفعلي
قد لا تتأثر أسواق النفط العالمية كثيرًا بزيادة الحصص، إذ إن معظم أعضاء أوبك+ ينتجون بالفعل عند مستويات قريبة من طاقتهم القصوى، خصوصًا السعودية والإمارات، اللتين تستطيعان إضافة براميل إلى السوق عند الحاجة. وتشير توقعات المحللين إلى أن الزيادة الفعلية في أكتوبر قد لا تتجاوز ٦٠,٠٠٠ برميل يوميًا. ⁽٣⁾
تخطط السعودية لفرض عقوبات على المنتجين المفرطين مثل كازاخستان، فيما قامت الإمارات بتوسيع طاقتها وضغطت من أجل أهداف أعلى. وقد أتاح التحول السريع من التخفيضات هذا العام للمملكة العربية السعودية تقييم قدرات الإنتاج لدى الأعضاء بصورة أفضل، وهو ما قد يؤدي إلى إعادة التفاوض على الحصص في المستقبل. ⁽٤⁾
تأثير القرار على أسعار النفط والطلب العالمي
تراجعت أسعار النفط بنسبة ١٥٪ منذ بداية العام، لتصل إلى مستويات أضعفت أرباح شركات الطاقة إلى مستويات عام ٢٠٢٠ وأدّت إلى تسريح موظفين. وارتفع خام برنت بنسبة ١٫٣٦٪ يوم الاثنين إلى ٦٦٫٥ دولارًا للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة ١٫٧٧٪ إلى ٦٢٫٧ دولارًا للبرميل، بدعم من زيادات الإنتاج والعقوبات المفروضة على روسيا وإيران. ⁽٥⁾

المصدر: TradingView
الرسم البياني: يظهر سعر خام برنت
وجدت أوبك+ سهولة في زيادة الإنتاج خلال الصيف، إلا أنّ الربع الرابع قد يختبر هذه الاستراتيجية مع تباطؤ الطلب. وتعتقد أوبك+ أن هناك طلبًا كافيًا لاستهلاك الفائض دون التسبب في اضطرابات.
التحول الاستراتيجي السعودي والعلاقات الجيوسياسية
وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، مهندس تخفيضات الإمدادات الأصلية لأوبك+، يبدو الآن وقد عاد بقوة لقيادة المشهد بعد سنوات قضاها في مواجهة ضعف الانضباط الداخلي للمجموعة. ⁽٦⁾
والأهم أنّ هذه الخطوة الجديدة تمنح الرياض قدرة على كسب رأس مال سياسي مهم، في وقت يحث فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوبك على خفض أسعار النفط. وهنا يمكن للسعودية أن تُظهر أنّها تحاول القيام بذلك. ⁽٧⁾
ويبدو أنّ المملكة مستعدة لتحمّل بيئة أسعار نفط منخفضة لفترة طويلة، سواء لتحقيق مكاسب طويلة الأجل في الحصة السوقية، أو لدعم علاقتها مع حليف رئيسي. ومن المقرر أن يزور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واشنطن العاصمة في نوفمبر.
ومن غير المرجح أن تؤدي أهداف الإنتاج الجديدة لأوبك+ إلى إحداث اضطرابات كبيرة في سوق النفط. ومع ذلك، قد يكون للقرار تبعات طويلة الأمد بالنظر إلى السياق الجيوسياسي.