أظهرت آخر تحركات سوق العملات أن الدولار الأمريكي تعافى بعد تراجع كبير سببه الأساسي خطاب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال كلمته في مؤتمر جاكسون هول.
ركز خطاب باول بشكل رئيسي على احتمال خفض الفائدة في اجتماع لجنة السوق الفيدرالية المفتوحة FOMC المرتقب في سبتمبر، وهو ما أشاع حالة من الإقبال على المخاطرة في الأسواق.
الدولار الأمريكي يبقى تحت الضغط
استعاد الدولار الأمريكي جزءاً من خسائره التي تكبدها خلال موجة البيع المكثفة في ٢٢ أغسطس، حين هبط مؤشر الدولار بنسبة ١٪، ليمحو مكاسب الأسبوع الماضي. وأشار خطاب رئيس الفيدرالي باول إلى وجود مخاطر تهدد سوق العمل بجانب استمرار مخاوف التضخم.
كما أعلن عن تغييرات في نهج الفيدرالي تجاه التضخم. ففي السابق كان الفيدرالي يتبع ما يسمى بـ”استهداف متوسط التضخم”، أي السماح للتضخم بأن يتجاوز المستوى المستهدف لفترة زمنية لتعويض الفترات التي كان فيها دون الهدف. وأكد باول أن هذه الاستراتيجية قد تم التخلي عنها لصالح نهج أبسط يقوم على استهداف تضخم محدد من دون النظر إلى الفجوات السابقة.
البيانات الاقتصادية الأمريكية المقبلة، بما في ذلك الناتج المحلي الإجمالي الأولي للربع الثاني Q2 ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي core PCE، من المتوقع أن تزيد من تقلبات الدولار الأمريكي. وقد ارتفعت طلبات إعانات البطالة يوم الخميس الماضي إلى ٢٣٥,٠٠٠، وهو أعلى مستوى في ٨ أسابيع، ما يعكس ضعفاً في سوق العمل ويزيد من صعوبة مهمة الفيدرالي في الحفاظ على تفويضه المزدوج. وأظهر CME FedWatch tool أن هناك احتمالاً بنسبة ٨٥٪ لخفض الفائدة في سبتمبر. ⁽١⁾
ارتفاع الدولار الأسترالي مع تحسن شهية المخاطرة
واصل الدولار الأسترالي ارتفاعه أمام الدولار الأمريكي، ممتداً في مكاسب الجلسة السابقة مدعوماً بسياسة الفيدرالي المتساهلة. كما ارتفع الدولار الأسترالي بفعل التوقعات بأن البنك الاحتياطي الأسترالي RBA سيتحرك بحذر تجاه تغييرات السياسة النقدية، مع توقع تثبيت الفائدة في اجتماع سبتمبر وخفضها في نوفمبر.
وأظهرت محاضر اجتماع البنك الاحتياطي الأسترالي في أغسطس أن قرارات السياسة النقدية يجب أن تُبنى على البيانات الواردة وبشكل اجتماعٍ تلو الآخر.
وأشار الأعضاء إلى أسباب تدعو إلى نهج تدريجي في التيسير، من بينها استمرار أوضاع سوق العمل المتشددة، وتوقعات التضخم عند مستوى أعلى قليلاً من منتصف النطاق المستهدف، إضافة إلى مؤشرات على تعافي الطلب الخاص.
وفي الوقت نفسه، أقرّ الأعضاء بوجود ظروف قد تستدعي خفضاً أسرع، مثل توازن سوق العمل أو ظهور مخاطر سلبية من الاقتصاد العالمي. ⁽٢⁾
اليورو والجنيه الإسترليني يفتقران إلى الزخم
واصل زوج اليورو/دولار EUR/USD تراجعه من مستويات الجمعة المرتفعة عند ١.١٧٤٢ إلى ما دون ١.١٧٠٠ قبيل افتتاح الجلسة الأمريكية يوم الإثنين. ولم تنجح قراءة مناخ الأعمال في ألمانيا، التي جاءت أفضل من المتوقع بقليل، في دعم اليورو الذي لا يزال محتفظاً بجزء من مكاسب الجمعة عقب التحول المتساهل للفيدرالي.
كما تراجع الجنيه الإسترليني إلى جانب اليورو. وقال محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي إن مزيج ضعف الإنتاجية وانخفاض معدل المشاركة في سوق العمل ترك الاقتصاد البريطاني أمام تحديات صعبة.
الين يتراجع رغم نبرة بنك اليابان المتشددة
تراجع الين الياباني بعد ارتفاعه بأكثر من ١٪ في ٢٢ أغسطس، ليتنازل عن مكاسب الجلسة السابقة رغم تصريحات متشددة من محافظ بنك اليابان كازو أويدا.
وفي حديثه خلال مؤتمر الاحتياطي الفيدرالي في جاكسون هول يوم السبت، قال أويدا إن الأجور في اليابان مرشحة لمزيد من الارتفاع في ظل تشدد سوق العمل، مشيراً إلى ثقته بأن الظروف باتت مهيأة لرفع آخر في أسعار الفائدة. ⁽٣⁾
وقد أوقف بنك اليابان دورة رفع الفائدة إلى حد كبير بسبب المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على اقتصاد اليابان القائم على التصدير. وفي اجتماعه في يوليو، أبقى البنك المركزي على أسعار الفائدة ثابتة، لكنه رفع توقعاته للتضخم وقدم رؤية اقتصادية أكثر تفاؤلاً، مما عزز التوقعات برفع إضافي للفائدة في وقت لاحق من هذا العام.