أشار محضر اجتماع البنك المركزي الأوروبي (ECB) لشهر يوليو ٢٠٢٥ إلى أن السياسة النقدية في وضع جيد، وذلك بحسب ما صرحت به رئيسة البنك كريستين لاغارد.
وكشف المحضر أن البنك المركزي الأوروبي مرتاح لوضعه الحالي، لكنه منفتح على المزيد من خفض أسعار الفائدة إذا لزم الأمر.
وعلى الرغم من وضع معايير أعلى للمزيد من التيسير، لا يزال البنك المركزي الأوروبي يتبنى موقفاً يميل قليلاً إلى التيسير، مدفوعاً بتوازن معدلات التضخم واستمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالتجارة والجغرافيا السياسية.
المشهد الاقتصادي والسوقي
أظهر اقتصاد منطقة اليورو مرونة على الرغم من التوترات التجارية المستمرة مع الولايات المتحدة. كما استقرت الأسواق المالية عند مستويات منخفضة من التقلب، مع اتجاه إلى شهية المخاطرة، حيث بدأت تتجاهل تطورات الرسوم الجمركية. وواصل اليورو ارتفاعه مدعوماً بتوقعات نمو أقوى في الاتحاد الأوروبي مقارنة بالولايات المتحدة، مما ساعد على خفض التضخم.
ومع ذلك، أشار البنك المركزي الأوروبي إلى أنه إذا تصاعدت التوترات التجارية، فقد يؤثر ذلك سلباً على الصادرات والاستثمار والاستهلاك في الاتحاد الأوروبي، مما قد يعرّض اقتصاد منطقة اليورو للمخاطر. ⁽١⁾
آفاق النمو والتضخم
تشير توقعات البنك المركزي الأوروبي للنمو والتضخم إلى التفاؤل ولكن بحذر.
حافظ نمو اقتصاد منطقة اليورو على أداء أفضل مما كان متوقعاً في الربع الثاني، حيث سجل ٠٫١٪ على أساس ربع سنوي، ما يشير إلى أن الشركات تتكيف مع حالة عدم اليقين التجاري، وهو ما قد يقلل من الحاجة إلى المزيد من خفض أسعار الفائدة لدعم الكتلة. وقد قامت بنوك استثمارية بمراجعة توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو للأعوام ٢٠٢٥-٢٠٢٦ بالرفع، في إشارة إلى التفاؤل بالتعافي الذي قد يمتد إلى ٢٠٢٧. ⁽٢⁾

المصدر: Trading Economics، مخطط الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو
ظلت توقعات التضخم لعام ٢٠٢٥ أقل من التقديرات السابقة بسبب انخفاض أسعار الطاقة.
وسجل التضخم الرئيسي لشهري يونيو ويوليو نسبة ٢٪، بما يتماشى مع هدف البنك المركزي الأوروبي، بينما ظل التضخم الأساسي مستقراً عند ٢٫٣٪. وتراجع نمو الأجور إلى ٣٫٨٪، ما أدى إلى تباطؤ تكاليف العمالة. وقد خفّض البنك المركزي الأوروبي توقعاته للتضخم في عام ٢٠٢٦ إلى ١٫٦٪ من ١٫٩٪ سابقاً. ⁽٣⁾

المصدر: Trading Economics، مخطط التضخم في منطقة اليورو
الموقف السياسي والتغييرات المستقبلية في السياسة النقدية
أبقى البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير منذ اجتماع يوليو، مؤكداً أنه أصبح يعتمد على البيانات بشكل اجتماع-باجتماع. وأبرز المحضر أسباب الموقف الحذر بسبب حالة عدم اليقين العالمية المرتبطة بالجغرافيا السياسية والتجارة وتقلب أسعار الصرف والطاقة. وأكد البنك أنه لن يركز فقط على التضخم، بل أيضاً على المخاطر المحيطة التي قد تهدد اقتصاد منطقة اليورو. ⁽٤⁾
وكشف المحضر أن واحداً على الأقل من صانعي السياسة في البنك المركزي الأوروبي قد دعم خفض الفائدة في يوليو، مشيراً إلى مزيد من المخاطر على النمو وضغوط تضخمية. ومع ذلك، ظل الموقف العام للبنك حذراً مع ميل طفيف للتيسير، بانتظار المزيد من البيانات لتقييم الوضع. ⁽٥⁾
وعلى الرغم من نهج التريث الذي يتبعه البنك، قد يكون خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر ما زال مطروحاً. إذ إن التطورات الأخيرة، بما في ذلك اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حال دون نتائج أسوأ، وقراءة متواضعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني، وتحسن ثقة الأعمال، عززت مبررات الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. ⁽٦⁾
ومع ذلك، قد تدفع عدة عوامل نحو خفض الفائدة، مثل الأزمة السياسية في فرنسا والتوترات التجارية العالمية.
كما يستعد البنك المركزي الأوروبي لإصدار توقعات اقتصادية كلية جديدة في سبتمبر، والتي قد تؤثر على قراره. ففي حين أن الموقف المتشدد قد يهدد بانخفاض التضخم إلى ما دون الهدف، فإن خفض الفائدة كإجراء “تأميني” قد يوفر دعماً دون إحداث ضرر. ⁽٧⁾