يعلن بنك اليابان (BOJ) عن قراره بشأن سعر الفائدة يوم الجمعة المقبل، ١٩ سبتمبر. ومن المتوقع أن يبقي البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير عند مستوى ٠.٥٪، بينما يقيّم عوامل مثل عدم الاستقرار السياسي والمخاوف الاقتصادية والرسوم الجمركية الأمريكية.
ورغم بقاء البنك المركزي متفائلًا بشأن اقتصاد اليابان، فإن الضبابية الناجمة عن أداء الاقتصاد الأمريكي والتطورات السياسية في اليابان دفعت بنك اليابان إلى تبني نهج أكثر حذرًا.
تثبيت الفائدة وسط ضبابية سياسية
يأتي القرار المتوقع بالإبقاء على الفائدة عقب استقالة رئيس الوزراء “إيشيبا“، ما أضاف مزيدًا من الضبابية السياسية إلى خطط بنك اليابان، خاصة بعد خسارة انتخابات مجلس الشيوخ ومخاوف التجارة مع الولايات المتحدة.
ولا يزال الحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم (LDP) يفتقر إلى الأغلبية البرلمانية، ومن المقرر انتخاب زعيم جديد للحزب في ٤ أكتوبر. ⁽١⁾
ورغم أن بنك اليابان من غير المرجح أن يعلق على استقالة “إيشيبا” حفاظًا على استقلاليته، فإن الأسواق تتوقع أن تؤثر التطورات السياسية على خطط مجلس الإدارة. ويتوقع بعض المحللين أن يقوم بنك اليابان بتأجيل رفع الفائدة المنتظر في أكتوبر بسبب حالة عدم اليقين السياسي. ⁽٢⁾
الرسوم الجمركية الأمريكية والتأثيرات الاقتصادية
يواصل بنك اليابان مراقبة تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على السلع اليابانية، خاصة بعد اتفاق تجاري نتج عنه فرض رسوم بنسبة ١٥٪ على السيارات. ورغم أن تقرير الناتج المحلي الإجمالي المعدل أظهر نموًا أقوى من المتوقع مع بقاء التضخم أعلى بكثير من هدف البنك البالغ ٢٪ على مدى ٣ سنوات، إلا أن الرسوم الجمركية قد تشكل مخاطر على أرباح الشركات.
شهدت الشركات المصنعة اليابانية انخفاضًا في الأرباح بين أبريل ويونيو نتيجة ضعف بيانات التوظيف، ما قد يضغط على أرباح الشركات عبر إضعاف نمو الأجور وعرقلة هدف بنك اليابان المتمثل في الحفاظ على النمو. ⁽٣⁾
أهداف التضخم
لا يزال بنك اليابان يركز على تحقيق هدف التضخم عند ٢٪، لكن ارتفاع تكاليف المعيشة وضغوط الأسعار المستمرة أبقت التضخم مرتفعًا عند ٣.١٪.
وقد حذّر نائب محافظ بنك اليابان “هيمينو” من أن الأثر الكامل للرسوم الجمركية لم يظهر بعد، مشيرًا إلى أن البنك سيواصل تقييم البيانات قبل اتخاذ أي خطوة.
ومع ذلك، قد يؤدي تأجيل رفع الفائدة إلى تعريض بنك اليابان للتأخر في السيطرة على التضخم، وهو ما يثير قلق صانعي السياسات الساعين لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي واستقرار الأسعار. ⁽٤⁾

المصدر: مخطط معدل التضخم في اليابان – Trading Economics
اجتماع الفيدرالي الأمريكي وحركة الدولار/ين
يأتي اجتماع بنك اليابان عقب إعلان الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن قراره بشأن الفائدة في ١٧ سبتمبر، حيث من المتوقع أن يخفض الفيدرالي أسعار الفائدة في ظل ضعف سوق العمل.
وقد يؤدي تسارع وتيرة خفض الفائدة إلى تقوية الين وإضعاف الدولار الأمريكي، إذ إن قوة الين قد تضر بأرباح المصدّرين اليابانيين المتأثرة أصلًا بالرسوم الجمركية، بينما قد يؤدي ضعف الين إلى تغذية التضخم. وفي هذه الحالة قد يضطر بنك اليابان إلى رفع الفائدة بوتيرة أسرع لكبح التضخم. الين الياباني ارتفع بنسبة ٦.٥٪ مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية عام ٢٠٢٥. ⁽٥⁾
كما أشارت المحادثات الأخيرة بين وزير الخزانة الأمريكي “سكوت بيسنت” ووزير المالية الياباني “كاتسونوبو كاتو” إلى ضرورة تجنب التلاعب بالعملة، وفسر بعض المحللين ذلك كإشارة إلى أن على بنك اليابان معالجة ضعف الين عبر تعديلات الفائدة بدلًا من التدخل المباشر. ⁽٦⁾

المصدر: مخطط الدولار/الين الياباني – TradingView
التوقعات بشأن تغييرات السياسة النقدية المستقبلية
رغم حالة عدم اليقين الحالية، لا يزال بنك اليابان منفتحًا على رفع الفائدة بحلول نهاية العام، مع استمرار البيانات الاقتصادية في التماشي مع التوقعات. ومن المتوقع أن يسلط المحافظ “أوييدا” الضوء على موقف البنك الحذر والمتفائل في آن واحد، مع الإشارة إلى المخاطر الناتجة عن الرسوم الجمركية وضعف الاقتصاد الأمريكي. ⁽٧⁾
ولا تزال الأسواق منقسمة حول توقيت رفع الفائدة، حيث يتوقع بعض المشاركين رفعًا في أكتوبر، بينما يتوقع آخرون مزيدًا من التأجيل بسبب الضبابية السياسية والمخاطر العالمية. وقد حذّر العضو المتشدد في مجلس إدارة البنك “تامورا” من أن التضخم المرتفع قد يجبر بنك اليابان على التحرك بقوة للحفاظ على استقرار الأسعار. ⁽٨⁾
إن قرار بنك اليابان المتوقع بالإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة يعكس نهجًا حذرًا وسط ضبابية داخلية وعالمية. وبينما يرى البنك إمكانية رفع الفائدة لاحقًا هذا العام، فإن خطواته المقبلة ستعتمد على التطورات السياسية في اليابان، وأداء الاقتصاد الأمريكي، والتأثيرات المستمرة للرسوم الجمركية. وسيكون المؤتمر الصحفي القادم لـ “أوييدا” محط أنظار الأسواق بحثًا عن إشارات بشأن مسار السياسة النقدية المستقبلية.